عدنان الحاج - السفير

تفيد الإحصاءات بأن العام 2016 فاق في حالات التصفية وترك العمل المبكر من قبل العمال المسجلين في الضمان، الأعوام السابقة بما فيها العام 2015 الذي سجلت حالات التصفية وترك العمل خلاله معدلات قياسية مقارنة بالسنوات السابقة.

تندرج حالات تصفية التعويضات او حالات الصرف من الخدمة بحسب قانون الضمان الاجتماعي وتحديداً فرع نهاية الخدمة، تحت ستة عناوين أساسية، هي: الترك المبكر وهذه من مظاهر الأزمات الاجتماعية والمعيشية، وحالات بلوغ السن (64 سنة)، الزواج بالنسبة للنساء، العجز، الوفاة، إضافة إلى العنصر الأساسي وهو إمضاء عشرين سنة في الخدمة.

بالمقارنة، فقد بلغ عدد المضمونين الذين صفّوا تعويضاتهم خلال العام 2016 (حتى شهر تشرين الأول) حوالي 21952 مضموناَ مقارنة مع حوالي 21095 مضموناً في العام 2015 أي بزيادة قدرها حوالي 900 مضمون خلال العام الحالي مما يعني تصاعداً لطالبي التصفية.

حاجة طلب التعويض تعود لمجموعة أسباب أبرزها الحاجة إلى المال، نتيجة زيادة الأعباء المعيشية وعدم توافر فرص العمل.

في التوزيع، يتضح أن حالتي ترك العمل وطلب التصفيات المبكرة يشكلان القسم الأكبر من طالبي التعويضات لتزايد الحالات الاجتماعية والحاجة إلى الأموال لتغطية الاحتياجات الأساسية والضرورية في الظروف الصعبة.

ويعكس ارتفاع عدد المضمونين الذين صفوا تعويضاتهم هذا العام مقارنةً مع 2015 الأزمات الحياتية والحاجة المادية، علماً أن التصفــية المبكــرة للتعويضات قبل بلوغ الســن وإنهــاء 20 ســنة خدمة، تؤدي إلى خسارة ما بين 25 و30 في المئة من قيمتها.

وقد توزعت حالات التصفية على العناوين الآتية:

ـ ترك العمل المبكر: 12796 مضموناً في العام 2015، مقابل حوالي 12956 مضموناً في العام الحالي أي بزيادة حوالي 150 مضموناً خلال العام الحالي، تركوا العمل قبل إنهاء 20 سنة خدمة حيث تستحق التصفية القانونية وبتعويضات كاملة تساوي مرتب شهر أو اكثر عن كل سنة خدمة لمن أمضى 20 سنة، وحوالي راتب ونصف الراتب عن كل سنة فوق الـ20 سنة خدمة وتصل أحيانا الى شهرين. مع الاشارة إلى ان النظام يقضي بتعويض يساوي شهر ونصف لمن خدموا فوق الـ20 سنة، ولغاية 30 سنة، وتصل إلى راتب شهرين لمن تخطى الـ30 سنة حتى 40 سنة فيحصل على تعويض يوازي راتب شهرين عن كل سنة.

ـ بلوغ 20 سنة خدمة: 3471 مضموناً للعام الحالي مقابل حوالي 2655 مضموناً للعام 2015.

ـ بلــوغ الســن (64 سنة) 4336 اجــيراً فــي العــام 2016 مقارنة مــع حــوالي 4302 اجــيراً للعــام 2015.

ـ العجز: 26 أجيراً في العام 2016 مقابل حوالي 33 أجيراً للعام 2015.

ـ الزواج (حالات للنساء فقط): 633 حالة تصفية خلال العام الحالي مقارنة مع حوالي 733 حالة للعام 2015. مع الإشارة إلى أن النساء تحق لهنَّ التصفية في حالات الزواج وترك العمل لهذا السبب.

ـ الوفاة: بلغ عددها خلال 2016 ما مجموعه حوالي 530 حالة مقابل حوالي 576 حالة للعام 2015.

مع الإشارة إلى أن ارتفاع حالات الترك المبكر البالغ عددها حوالي 12956 خلال العام 2016 مقابل حوالي 12796 حالة في العام 2015 من اصل حوالي 21095 وهو عدد الأجراء الذين صرفوا تعويضاتهم، يعني ان الترك المبكر للعمل بسبب حالات الصرف أو الحاجة الاجتماعية للتعويض تشكل ما نسبته 62 في المئة من العدد الإجمالي خلال السنتين الأخيرتين، اللتين شهدتا ارتفاعاً غير مســبوق في حالات التصفية التي تفوق بمعدّلاتها الأزمــات السابقة التي مرت على لبنان بما فيها فترة الحروب والعدوان الإسرائيلي، منذ العام 1982 وما بعده.

 

ساندي الحايك - السفير

 

قد يحمل اليوم خبراً ساراً لعائلة «السجينة ـ الضحية» فاطمة حمزة، التي شهدت عائلتها على فظاعة ما عاشته امرأة جعلت من أمومتها أمراً واقعاً.

أمضت فاطمة حمزة أربع ليالٍ في السجن. المرأة التي جُرّمت بتهمة «الامومة» بعدما رفضت الانصياع لقرار المحكمة الجعفرية بالتخلي عن حضانة ابنها، تقاوم في سجنها. ربما، زادت مرارة السجن منها صلابة وتمسكا بموقفها، خصوصا أنها ليست وحيدة في خط المواجهة. فمنذ اللحظة الأولى لتوقيفها، تفاعلت منظمات ومؤسسات مدنية وأهلية وناشطين وناشطات كُثر معها، فخرجت قضيتها من الإطار التقليدي وباتت مدخلا لنقد نظام ذكوري يبني «أمجاده» على حساب تعاسة الكثير من الأمهات والنساء.

تثق فاطمة، أنها ستخرج من سجنها منتصرة. ستنتصر لنفسها اولا، ثم لامومتها ولابنها، ولكل امرأة هناك من يتجرأ على سلبها حقها بتربية اطفالها. «ستعود فاطمة الى ابنها، وسيعود هو اليها»، تقول وكيلتها، شقيقتها المحامية فاديا حمزة في حديث مع «السفير».

ترفض حمزة الغوص قي تفاصيل الدعوى القضائية. توضح: «سنقدم طلبا الى القاضية التي أوعزت بتطبيق القرار الذي أدى الى سجن فاطمة، بالتراجع عن قرار السجن او وقف تنفيذه، ليُصار الى اخلاء سبيلها»، مشيرة الى ان «الدعوى الاساسية التي بين فاطمة وزوجها معقدة».

وتكشف حمزة ان «قرار منح الحضانة لزوج فاطمة صدر في شهر نيسان الماضي، والسؤال لماذا لم يتم اللجوء حينها الى القضاء المدني لتطبيق القرار؟ لماذا انتظر زوجها ستة أشهر ليقدم على هذه الخطوة، في حين انه متلهف لرؤية ابنه كما يدعي؟»، مشيرة الى انه «كان يمتنع عن دفع النفقة لابنه الا بقرار جبري، فكيف يمكن ان يحكم له القاضي بالحضانة وهو ليس اهلًا لها؟».

وردا على ما ورد على لسان القاضي جعفر كوثراني في حديثه لـ «السفير»، عن ان «المحامية اهملت القضية»، أوضحت حمزة انه «سبق وتقدمت بطلب تريث بإصدار الحكم في دعوى الحضانة لكن القاضي لم يأخذ بها».

وفي الاعتصام الذي نظمــته «الحمــلة الوطنــية لرفع سن الحضــانة لدى الطائفــة الشيعية»، أمس الاول، للمطالبة برفع الغــبن عــن الأمهــات اللــواتي يُحــرمن من أطــفالهن في سن مبكرة جدا، مشى عشرات الناشــطين من امام المجلس الشرعي الشــيعي الأعــلى، وصــولا الى مخــفر الغبيــري، الذي تقبــع فــيه فاطــمة اثر رفضها تطبيــق القــرار المذكور.

هتف المعتصمون: «أنا أمّ وحقي ولادي يا أصحاب السيادة». رفعوا لافتات تُندد بالقرار وتطالب باقرار قانون موحد للأحوال الشخصية لضبط ممارسات المحاكم الطائفية التي ترتكز بغالبيتها على اجتهادات فقهية.

سجل الاعتصــام تمــيّزاً لكــونه ضــمّ نساءً من مختلف المشارب، وانطلق من امام مؤســسة دينيــة لا يزال انتقادها الى اليوم يُشكل أحد أكبر «التابوهــات» الاجتــماعية في بلدنا.

واستنكارا للقرار الصادر عن المحكمة الشرعية دعا «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة» الى اجتماع تضامني يعقد الرابعة من بعد عصر اليوم في مقر لجنة حقوق المرأة اللبنانية في وطى المصيطبة. 

هشام يونس - السفير

بالإمكان القول أن فوز جيريمي كوربِن (مواليد 1949)، سواء عدُ يسارياً محفاظاً، إشتراكياً أو ماركسياً تروتسكياً، برئاسة "حزب العمال" البريطاني قد أثار مزيجاً من الإرباك والحيوية على حدٍ سواء في المشهد السياسي البريطاني. وبما لا يقل أهمية، داخل "العمال" الذي شكل الإطار التاريخي لليسار والذي إنتهت إليه معظم مجموعاته والتيارات بما فيها تلك المجموعات الشيوعية الثورية التي خصها لينين بالدعوة في المؤتمر الثاني للأممية الدولية آب 1920، داعياً جميعها للانخراط في "حزب العمال" توخياً للفاعلية والقدرة على التأثير والثورة التي توفرها الأحزاب الكبيرة ذات التمثيل الجماهيري.

 

حزب العمال والقطيعة مع الإرث الإشتراكي

 

لقد ظهّر هذا الفوز وفرز إتجاهات اليسار المُلتبس، وبالأخص اليسار الإنكليزي، نتيجة التخبط والأداء المربك الذي شهده منذ صعود اليمين وظهور التاتشرية بداية ثمانينيات القرن الماضي.

 

هذا الإرباك الذي إنتهى إلى مانفيست "العمالي الجديد" الهجين الذي أحدث قطيعة على مستويين: المشروع العام وأدبيات الخطاب وأهم مفاهيمه، والذي شكل برنامج طوني بلير الإنتخابي لرئاسة الحزب في 1994 وحدد مبادئ ما سيعرف لاحقاً ب"البليرية" ( نسبة لبلير)، والتي حكمت منذ وصول العماليين برئاسة الأخير إلى سدة الحكم عقب إنتخابات حزيران 1997 ولغاية حزيران 2010، مع سقوطها في الإنتخابات العامة أمام المحافظين من دون أن يتمكن هؤلاء من الحصول على الأغلبية المطلقة لتشكيل الحكومة ( حصلوا على 306 من المقاعد من أصل 650 مقعداً)،  ما دفعهم، في حينه، للإئتلاف مع "الديمقراطيين الليبراليين".

 

إلا أن إرث "البليرية" الجاثم على كاهل الحزب، إلى عوامل داخلية أخرى، ألحق به هزيمته الأقسى منذ عقود في آخر إنتخابات (حزيران الماضي)، والتي منحت المحافظين واليمين نصراً لافتاً. ولا يجب أن تُستبعد في هذا السياق، وفي إطار قراءة ظاهرة كوربن عوامل أخرى من بينها؛ تضعضع الحزب داخلياً وفقدان الثقة بالخطاب التقليدي الذي درج عليه العماليون ما بعد "البليرية".  وهو ما يفسر تصويت الشباب لكوربن الكهل وخسارة خصومه الثلاثة الشباب. ويمثل هؤلاء شريحة شبابية متعاظمة وناقمة،  تتطلع إلى نماذج تحمل خطاباً يسارياً واضحأً غير متذبذب سمعوه من أليكسيس تسيبراس في اليونان وزعيم حزب "بوديموس" في أسبانيا الشاب بابلو ايغلاسياس.

 

لقد كرس مشروع "العمالي الجديد" قطيعة مع مبادئ الحزب الإشتراكية التقليدية وتبنى مبادئ ملطفة لإقتصاد السوق، وهو ما سماه بلير "الطريق الثالث"، ما بين الإشتراكية والرأسمالية، أو إشتراكية ديمقراطية كما نصها تعديل غير مسبوق أقره الحزب للمادة الرابعة من دستور الحزب في العام 1995عقب توليه رئاسة الحزب (كانت قد أقرت في مؤتمر الحزب العام 1918). وهو ما أوقع الحزب بتناقضات عدة سواء على المستوى الداخلي بين المجموعات والتيارات المختلفة أو على مستوى الخطاب أو الخطط المالية والإقتصادية التي تبناها أثناء حكمه، وأفضت إلى إنكشاف كبير لليسار البريطاني والإنكليزي منه على وجه الخصوص، وأنتهت بهزيمة قاسية للعمال واليسار، ونهاية حكم "العمالي الجديد" في إنتخابات 2010 العامة. وعلى الرغم من أن ذلك عُد هزيمة ونهاية ل"البليرية" من الحكم،  إلا أن نهاية "البليرية"، أو الضربة القاصمة لها، داخل "العمال" لم تتحقق إلا بفوز جيرمي كوربن.

 

نهاية البليرية والعودة إلى الإطار اليساري

 

من هنا يأتي فوز كوربن ليشكل المنعطف الكبير "للعمال" ولليسار الإنكليزي على وجه الخصوص، حيث سبق لليسار الإسكتلندي، وفي وقت مبكر، أن أوجد لنفسه إطاراً آخر خارج "العمال" ضمن مركب حيوي جمع ما بين المبادئ الإشتراكية والتقدمية والمطالب الوطنية للأمة الإسكتلندية ضمن الحزب القومي الإسكتلندي وهو ما أسهم، بعد ما حققه من نجاحات في الإنتخابات العامة والمحلية، بشكل أو بآخر في تعزيز فرص مشروع كوربن لدى شرائح شبابية وعمالية إنكليزية ناقمة على أداء الحزب وغربته عن مبادئه وتخبطه التنظيمي الذي ظهر للعلن في آخر إنتخابات عامة ترشح لها زعيمه إد ميليباند.

 

وفي هذا السياق، جاء فوز كوربن بمشروعه، الذي يشكل نقيضاً للعمالية البليرية الهجينة في خطوطه العامة ومنظومة مفاهيمه اليسارية التقليدية، ليوحد اليسار خلف مبادئه الإشتراكية ولينهي، أو يكاد، أرث "العمالي الجديد" و"البليرية" دفعة واحدة.

 

إلا أن ذلك لا يعني بأن العمال إتجه إلى أقصى اليسار، وهذه مقولة يثيرها خصوم كوربن من انصار "البليرية" قبل غيرهم، وهم بالمناسبة فريق لا زال يملك قدراً ليس يسيراً من التأثير، بشبكة علاقات وبنية بناها لأكثر من عقدين، ولعل هذا هو التحدي الأهم لكوربن في المرحلة المقبلة أي عزل هذا الفريق عن الفاعلية.

 

إن خطاب كوربن يركز على قضايا لا تبعُد عن الوسطية في مقاربتها للقضايا المعيشية، لكنه يبنيها على قيم لا تقبل التسويات وتنهل من المعجم اليساري التقليدي. في حقيقة الأمر كوربن يرفع القطيعة عن الإرث العمالي التقليدي، ولكنه لا ينزهه عن النقد، ويصر على إستخدام مفاهيمه التي يجدها صادقة تماماً في تناول المسائل والقضايا التي تواجهها بريطانيا، وفي ذلك هو نجح في تحقيق خرق في مساحة الرأي العام البريطاني، وخاصة لدى الجيل الجديد الذي لم يألف هذا الخطاب ولم يعشه.

 

كوربن والتحدي الحزبي

 

وقد تصح المقارنة بين جيريمي كوربن ومايكل فوت اليساري الذي يشابه الأول بافكاره الإصلاحية، التي قد يعدها البعض تقليدية أو جذرية، وإن كان كوربن يتجاوز فوت في آراءه فيما خص المؤسسة الحاكمة. وكان فوت قد إنتخب رئيساً للحزب عام 1980 بعد إستقالة رئيس الحزب جيمس كالاغان على أثر هزيمته في الإنتخابات العامة للعام 1979 أمام مارغريت تاتشر، وواجه تمرداً من ما سمي الجناح اليميني أو الوسط في "العمال" حينذاك، وقدم أربعة من مسؤولي الحزب سموا حينها "عصابة الأربعة" إستقالتهم، وشكلوا في العام ذاته 1981 "الحزب الإشتراكي الديمقراطي" قبل أن يندمج مع "الحزب الليبرالي" في 1988 ويشكلان  حزب "الديمقراطيين الليبراليين".

 

يواجه كوربن اليوم، كما فوت بالأمس، تحدي حصول تمرد من مجموعة "العمالي الجديد" من فريق طوني بلير وخلفه غوردن بروان وبعض يسار الوسط ( قدم ستة من وزراء حكومة الظل العمالية المعارضة إستقالتهم فور فوزه برئاسة الحزب)، وهو تحدي قد يُضعف الحزب على المدى القصير إلا أنه، وكما سبقت الإشارة، يعيد إليه هويته وخطابه وبالتالي يمنحه فرصة ليشكل إطاراً يقود التيارات اليسارية المختلفة خلف تصور واضح، على المدى المتوسط والبعيد. وهذه التيارات والمجموعات متعددة ومتمايزة، وبسبب تضعضع اليسار على مدى عقود توزعت في إطر عدة بعضها موجود داخل أحزاب أخرى تقف اليوم، للمفارقة، في مواجهة "العمال" ( الأحزاب الإسكتلندية المختلفة، حزب الخضر ( يشبهه البعض بثمرة البطيخ خضراء من الخارج وحمراء من الداخل) ، وحزب "الديمقراطيين الليبراليين" الذين يوجد في صفوفهم مجموعات ذات توجه يساري..) ويعتمد ذلك بشكل كبير على نجاح كوربن وفريقه بإيصال رسالته وإستقطاب الوسط وترتيب أولوياته وعدم خوض الحروب كلها دفعة واحدة، لأن من شأن ذلك إستنزافه وهو ما يوفر لخصومه الكثر فرصة للنيل منه. أما في حال نجاحه، فإن ذلك سيشكل أكبر تحول في الحياة السياسية البريطانية وسياستها الداخلية والخارجية.

 

لا شك أن عامل الوقت كفيل ببلورة رؤية ومشروع  هذا السياسي اليساري المتقشف والشفاف للغاية الذي حافظ على مبادئه طوال 32 عاماً من عمله السياسي. في حالة نادرة ومستقطبة للإعجاب المتزايد لدى الشارع البريطاني، بحيث بات يشكل اليوم ظاهرة وطنية تتجاوز اليسار وحزبه، وليس أدل على ذلك سوى إنضمام ما يزيد عن 400 الف منتسب جديد لحزب العمال معظمهم من الشباب، خلال فترة شهرين من حملة كوربن الإنتخابية و28 الف بعد إعلان فوزه، وهو ما يوفر لكوربن، جراء هذا الإستقطاب والدعم، فرصة لإصلاح "العمال" وتوحيد اليسار مجدداً، ضمن مبادئ تقدمية فقدها تباعاً منذ عقود، وهي مهمة لن تكون سهلة وفيها إستجابة ولو متأخرة لنداء لينين في مقدمة لإصلاح المؤسسة الحاكمة!

ساندي الحايك - السفير

الخائن بيضل عند الخونة" عبارة كررها عدد كبير من الشبان خلال اعتصامهم على طريق المطار اليوم الاثنين. "الخائن" هو من تعامل مع العدو الإسرائيلي ضد أهل بلده، من قصف ودمر وسرق آلاف العائلات الجنوبية. لا أحد بنظرهم يختصر تلك الصفات مثل قائد "جيش لبنان الجنوبي" أو ما كان يعرف بـ"جيش لحد" العميل الإسرائيلي أنطوان لحد. اعتصم هؤلاء رفضا لاستقبال جثته ودفنها في مسقط رأسه بلدة كفرقطرة في الشوف. حملوا شعارات المقاومة، وصور الشهداء المقاومين، بالإضافة إلى أعلام "الحزب الشيوعي" والحزب "القومي السوري" وحركة "جمول" (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية) التي خاض مقاوموها حربا ضروسا ضد العدو الإسرائيلي في العام 82.في الاعتصام استعاد المحتجون ذكر حبيب الشرتوني والمقاومة سهى بشارة وبطولاتهما. غنوا لهما وهتفوا باسمهما مرارا، كما كتب أحدهم على لافتة رفعها "لكل بشير حبيب ولكل لحد سهى". ورفع المعتصمون صورا لشهداءٍ كثرٍ سقطوا في معارك خيضت ولا تزال، بهدف تحرير الجنوب. بعضهم لا تزال جثثهم مصادرة من سلطات الاحتلال. أردفت إحدى السيدات بغضب "كيف يحق لعميل أن يدفن في أرض تخلى عنها بإرادته، في حين أن أجساد الشهداء الطاهرة لم ترقد في التراب الذي ارتوى من دمها بعد".تحمل وسام فوعاني صورة لأخيها الشهيد فرجالله فوعاني. تسير بين الحشود هاتفة "حتى لو قام لحد وأخبرني أين هي جثة أخي، في أي منطقة من فلسطين المحتلة، لن أسمح بأن يدفن هنا". إلى جانبها أختها، لا تزال ندوب القصف الإسرائيلي ظاهرة على وجهها. تقول: "نحن هنا لأن قضيتنا فرضت علينا المجيء. لأننا لا نستطيع أن نخذل الشهداء. كما أوجع لحد آلاف الأمهات وأبكاهن على شبابهن، سيحرم من أن يرقد في أرضنا". على مقربة منها يصرخ أحد الشبان "الزبالة لي عنا بتكفينا خليه محل ما هو"، فيما يضيف آخر "بدنا فرنسا تردلنا جورج عبدالله ". وخلال الاعتصام، وزع بعض الشبان من حملة "دليل المقاطعة" كتيبات على الحاضرين هي عبارة عن دليل بأسماء ابرز الشركات الداعمة لإسرائيل، بغية التعرف إليها ومقاطعتها، "لتشكيل ضغط اقتصادي على الكيان الصهيوني".وكأي قضية، لم تكن آراء اللبنانيين موحدة. فمن بينهم من لم يعارض فكرة دفن لحد في لبنان. في أيار العام الماضي مثلا، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي القدس المحتلة، والتقى عددا من "اللحديين" وعائلات لبنانية اختارت مغادرة لبنان والعيش تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي. إذ اعتبر أنه من الخطأ "وصفهم بالعملاء أو التعاطي معهم على أنهم مجرمون. يومها أفرز كلام الراعي انقساما حادا في صفوف اللبنانيين، واختلافا حول تعريف العمالة وكيفية التعاطي مع العملاء.اليوم يبرز الضياع نفسه، فعلى الرغم من استحضار أهالي الجنوب للكثير من المحطات التي ذاقوا خلالها عذابات وإهانات من قبل "جيش لحد"، إلا أنهم لم يلقوا التضامن المطلوب. كذلك إن الموقف الرسمي من المسألة لا يزال مبهما حتى الآن.

ساندي الحايك - السفير

"أخيرا شهدت على مدينتي في تظاهرة دون طوائف" هكذا علق أحد الناشطين في تظاهرة اليوم السبت التي دعت إليها حملة "طلعت ريحتكم" مع مجموعة من الحملات الأخرى ("بدنا نحاسب"، "حلو عنا"، "طفح الكيل"، "عالشارع"). عادت الساحة التي احتكرتها الأحزاب السياسية والطائفية على مدى سنوات إلى أصحابها الأصليين. وبرهن الشعب اللبناني أنه لا يزال "حياً" وقادرا على الضغط والتغيير سلميا، متى أراد ذلك.

 

لم يقع المشاركون في التظاهرة في فخ المواجهات مع العناصر الأمنية، على الرغم من محاولة بعض الشبان، قبيل إنسحاب المعتصمين من ساحة رياض الصلح، جرهم إلى مواجهات كبيرة، عبر محاولات استفزاز القوى الأمنية. إذ قام بعضهم، وهم عراة الصدور وملثمو الوجوه، بسحب الأسلاك الشائكة من مكانها، ثم اجتيازها والتقدم نحو إحدى نقاط قوى الأمن الداخلي، حيث اقدموا على إضرام النيران، ورمي المفرقعات والحجارة بوجه عناصرها، بغية حرف مسار التظاهرة التي انطلقت في ظل انتشار أمني مكيف. إلا أنهم فشلوا، بينما نجحت التظاهرة في التزام ضبط النفس.إنطلقت التظاهرة بمسيرة حاشدة من أمام مبنى وزراة الداخلية في الحمرا وصولا إلى ساحة الشهداء، حيث توزع المعتصمون بين ساحة الشهداء ورياض الصلح. وقد استفاد المنظمون من أخطاء سابقة، حيث نسقوا بشكل مباشر مع القوى الأمنية لحفظ سلمية التحرك. وميزوا انفسهم عن باقي المتظاهرين من خلال ارتداء حلة خاصة بهم. بينما وزعت عناصر الأمن كاميرات مراقبة توزعت بين ساحتي الإعتصام. وعلى الرغم من تحليهم بدرجات عالية من ضبط النفس، وعدم محاولتهم الدخول الى السرايا أو مجلس النواب، أعلن المنظمون لجوءهم إلى التصعيد في حال لم تنفذ الحكومة مطالبهم بمهلة أقصاها 72 ساعة.

 

في بداية التظاهرةكان كل شيء منضبط. أغان وطنية وثورية بثت عبر مكبرات الصوت، وشعارات نقدية وتحفيزية رددها المتظاهرون من دون كلل. قبل أن يهبط الليل، وتجتاز مجموعة من الشباب الأسلاك الشائكة لافتعال عنف مقصود مع عناصر الأمن. لم ينجر معظم المتظاهرين إلى العنف، تسمروا في أماكنهم وهم يواصلون الهتاف "يسقط يسقط حكم المصرف"، "سوليدير وسخة وسخة والنواب عنها نسخة"، "يا عسكر ليش منرفز الحرامية بالمجلس". كما رفعوا لافتات عديدة، منها جريء ومنها مضحك، ومنها ما عكس حقيقة هواجس اللبنانيين. كتب على إحدى اللافتات "نحن فرقة مكافحة الفساد"، وتضمنت أخرى عبارة "شنقتونا"، وأخرى "سرقتوا الشط وبلطتو البحر، لا تسوية على الأملاك البحرية". في حين وضعت إحدى المتظاهرات كيسا من النفايات على رأسها، ورفعت بين يديها ورقة خط عليها "الزعيم على راسي". وبقميص أبيض فضفاض و"كاسكيت" سوداء، وسيجاراً فاخراً بين الإصبعين، يظهر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في صورة ضخمة رفعت في التظاهرة، وإلى جانبه إحدى الجميلات. الصورة مأخوذة من رحلة الأخير السياحية إلى جزيرة "ميكونوس". كتب رافع الصورة، بخط عريض في أسفلها "إنت مولعها هونيك ومولعها هون، الأفضل تقعد ببيتك". ذلك المشهد لا يغيب عن أذهان اللبنانيين. لا بل رُسخ في ذاكرتهم. عدد كبير من المتظاهرين جسدوه في لافتات وشعارات حملوها، جاءت بمضامينها المتعددة، لتؤكد أن الشعب اللبناني يعرف خصمه جيدا، ويدري إلى أين يوجه أصابع الاتهام.ثم عادت الحملة وكررت مطالبتها بـ"استقالة وزير البيئة محمد المشنوق، محاسبة من أطلق النار على المتظاهرين، تحرير أموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل، وضع خطة صحية ومستدامة لحل أزمة النفايات، بالإضافة إلى استعادة الشرعية واجراء انتخابات نيابية". ولفتت الانتباه إلى أن "كل الشعب اللبناني ليس من طالبي الحرب ولكننا لا نخشى المواجهة. لذا فإننا لن نكون جزءً من مشروع أحد، لأننا مؤمنون بمشروعنا ببناء دولة مدنية عادلة".وأعلنت الحملة أن يوم الثلاثاء المقبل سيكون موعدا مبدئيا للتظاهر.

السفير

أكد عضو حملة "بدنا نحاسب" أيمن مروّة، وهو أحد الشباب الّذين تعرضوا للاعتقال والضرب في تظاهرات يوم أمس في "رياض الصلح"، "أنني كنت أحاول أن أحمي المتظاهرين وأن أقف حاجزاً أمام كي لا تعتدي قوى الأمن على المواطنين"، مشيراً إلى "أنني كنت امسك السياج الشائك بين قوى الأمن والمتظاهرين وكنت أحاول رد المتظاهرين عنهم، كما كنت أحمل الميكروفون واطلب من الناس الابتعاد".وأشار، في مؤتمرٍ صحافي  في "رياض الصلح"، إلى "أنّ عدد الموقوفين وصل أمس إلى 90 شخصاً"، لافتاً الانتباه إلى "وجود عدد كبير من الأشخاص في عداد المفقودين حيث لا يعرف عن مكان تواجدهم"، ومطالباً بـ"الإفراج الفوري عنهم".وأكد مروّة أنه سيرفع "دعوى على كلّ الّذين اعتدوا علينا بالضرب"، مشيراً إلى "توثيق الكاميرات لكل الّذين اعتدوا"، وداعياً "كل الّذين تعرضوا للضرب إلى الإقدام على هذه الخطوة". كم دعا الى "التوجه الفوري إلى ثكنة الحلو للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين". واعتبر أنّ "هذا النظام وضعنا أمام معادلتين، إما المطالب والحقوق، أو الاستقرار والأمن"، مؤكداً أنّ "معركتنا ليست مع قوى الأمن بل مع هذا النظام"، ومشدداً على أنّ "هذا النظام أثبت أنه يخشى أي حراك شعبي، سلمي أو تصعيدي". ووجه دعوة إلى أي شخص ينتمي إلى أي طائفة أو حزب بـ"الانسلاخ عن قيادتهم"، سائلاً إياهم "كيف لا تزالون صابرين على هذا الواقع"؟ورفض مروّة الحديث عن مندسين، معتبراً أنّ "هذا الكلام هو أذية للتظاهرة، وهو عن سابق إصرار وتصميم". وأكد "الاستمرار بهذا التحركات وعدم التوقف"، مشيراً إلى "أننا نحاول قدر الإمكان الحفاظ على الشكل والمضمون، ولكن لا نستطيع أن نضمن غضب الناس في الشارع". كما دعا إلى "تجمّع اليوم الساعة السادسة مساءً في رياض الصلح ثمّ تنظيم مسير إلى مستشفى الجامعة الأميركية حيث يمكث الشاب محمد قصير الّذي تعرض للإصابة منذ يومين خلال المظاهرة".إلى ذلك، تقدم مروّة بـ"اعتذارٍ كبيرٍ من أهالي العسكريين المخطوفين الّذين يعتصمون في رياض الصلح لما ضرر معنوي ومادي خلال تظاهرة الأحد"، متمنياً من "الشباب المتظاهر بالتعويض على الأهالي بحسب الإمكانيات المتاحة". بدوره، أكد حسين يوسف، والد أحد العسكريين المخطوفين، قبوله اعتذار المتظاهرين، متمنياً بأن "يطالب المتظاهرون بالعسكريين لأنهم الضمانة الوحيدة"

عماد الزغبي -السفير

غاب الصخب الذي شهدته ساحة رياض الصلح في اليومين الماضيين، وحلت العقلانية والواقعية والحراك السلمي. غابت المفرقعات النارية، وقذف زجاجات المياه الفارغة، والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، وأستبدلت بهتافات مطالبة بإسقاط الطبقة السياسية، وإزالة «جدار السرايا الحكومية». غاب مثيرو الشغب، ونزلت منظمات المجتمع المدني للتعبير عن وجع وألم الشعب اللبناني.اكتفى المعتصمون بإطلاق الصوت عالياً للمطالبة بمحاسبة المسؤولين، وإجراء تحقيق سريع بما حصل في اليومين الماضيين مع المتظاهرين، نافضين أيديهم من المندسين ومثيري الشغب الذين أشعلوا ساحة رياض الصلح ومحيطها، ليحل محلها، إضاءة الشموع تكريماَ للجرحى الذين سقطوا، والدعاء بالشفاء للجريح محمد قصير الراقد في المستشفى.من أمام «قصر العدل»، نُفذ اعتصام عند السادسة مساء أمس، بدعوة من «اتحاد الشباب الديموقراطي» في إطار حملة «بدنا نحاسب» للمطالبة بمحاسبة المسؤولين الأمنيين والسياسيين، «بعد القمع الوحشي للمتظاهرين من قبل القوى الأمنية وبعد إصابة العشرات من المتظاهرين»، وللتأكيد أن التحرك مستمر من أجل «إسقاط الطبقة الفاسدة في كل الساحات والمناطق».صدحت الحناجر، والتهافات «يلا يلا ع الشارع تنجيب الحق الضايع» و «إلى الأمام بدنا نحاسب النظام». وعبَّر المعتصمون عن رفضهم لما حصل من تجاوزات، وتعطيل وهج التحرك الشعبي داعين إلى محاسبة «من فرَّق بين القوى الأمنية والشعب».لم ينس المعتصمون محمد قصير، فرفعوا صورته وهو مضرج بالدماء «كل قطرة دم سقطت من محمد قصير، سوف تكون زيت قناديل للحرية».يؤكد أمين عام «اتحاد الشباب الديموقراطي عمر ديب لـ «السفير» أن «التحرك السريع» جاء «بعدما لمسنا تراجعاً في محاسبة المسؤولين عن إطلاق النار على المتظاهرين، وتأجيل المدعي العام سمير حمود جلسة الاستماع للشهود (بدأت التحقيقات ليل أمس)».يشدد ديب على أن تحرك «بدنا نحاسب» جمع مكونات شبابية عدة، من دون التوافق مع حملة «طلعت ريحتكم». يقول: «لم نستطع التوافق مع الحملة للمشاركة في الاعتصام، لأنهم خافوا من أي حراك معاكس»، مرجحاً أن يكون «الحراك الكبير يوم السبت المقبل، وأن تكون مسيرة أكثر من تجمع».وألقت عضو حملة «بدنا نحاسب» حلا سليمان، بياناً طالبت فيه «بمحاسبة من أعطى الأوامر بإطلاق النار على المعتصمين وبإطلاق سراح جميع المعتقلين والتعهد بعدم ملاحقتهم لاحقاً، وبإحالة الملفات المتعلقة بالفساد والرشى التي ذكرها رئيس الحكومة تمام سلام في مؤتمره الصحافي أمس الأول، على النيابة العامة المالية، وإطلاق جميع المعتقلين، وعدم ملاحقتهم قانونياً».وأوضح الناشط في حملة «بدنا نحاسب» جورج عازار عن «استمرار الحراك في الشارع انطلاقاً من إيماننا بحقنا في ممارسة أشكال التعبير عن مظلوميتنا»، مشدداً على دور القوى الأمنية في حماية المتظاهرين سلمياً، وليس حماية السرايا الحكومية، مستغرباً كيف أن القوى الأمنية لم تردع أصحاب السيارات والدراجات النارية من المرور وسط المعتصمين في رياض الصلح.وقال متحدث باسم «شباب بيروت» المشارك في الاعتصام وجيه دامرجي: «لا نريد إسقاط الحكومة ولا مجلس النواب بل نريد انتخاب رئيس للبلاد». ورأى ان «على الطبقة السياسية أن تتعظ مما حصل من تجاوزات وأعمال تخريب»، لكنه شدد على «ضرورة الحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها». مطالباً وزارة الداخلية «بإجراء تحقيق سريع بما حصل أمس الأول مع المتظاهرين السلميين».بعد اكتمال التجمع أمام «قصر العدل»، قرر المنظمون الانطلاق في مسيرة، في ظل تساهل وتسهيل من قبل القوى الأمنية للمسيرة، وسط إجراءات أمنية مشددة نفذتها وحدات من الجيش اللبناني عند مداخل العاصمة من جهة رأس النبع وصولاً إلى ساحة الشهداء والجسر المؤدي إلى برج الغزال، نزولاً في اتجاه ساحة رياض الصلح، التي وصلوها بعد مسيرة ساعة، وكان في انتظارهم، ناشطون من المجتمع المدني، واعتصام لـ «اتحاد المقعدين» الذي دعا للوقوف دقيقة صمت تضامناً مع الجريح محمد قصير.وقامت حملة «طلعت ريحتكم» بإضاءة الشموع، احتجاجاً على سقوط جرحى أمس الأول، وشارك الامين العام لـ«الحزب الشيوعي اللبناني» خالد حدادة، وعدد من الوجوه النقابية، إضافة إلى حشد من هيئات المجتمع المدني في الاعتصام، أمام «جدار السرايا»، وهتفوا رفضاً لـ «جدار العار» مؤكدين رفضهم له، وفي الوقت ذاته رفضهم إزالته، في حين عبَّر عدد من الشباب عن سخطهم من الجدار.واستمر الاعتصام حتى ساعة متأخرة من الليل، ثم شهد شارع المصارف عمليات شغب تخللها رشق القوى الأمنية بالحجارة، من دون تسجيل إصابات، فيما تم التأكيد على سلمية التظاهرة التي ستنطلق في ساحة رياض الصلح اليوم.

 

توقيفات.. والتحقيقات مستمرةأوضحت مصادر أمنية لـ «السفير» أن «عدد الموقوفين كان حتى قبل ظهر أمس نحو 32 شخصاً، تم تُرك معظمهم بعد استماع مفوض الحكومة القاضي داني الزعني إلى أقوالهم، وبقي نحو 12 شخصاً فقط قيد التوقيف، وننتظر قرار القاضي الزعني لتحديد إذا كان سيفرج عنهم أولاً»، مشيرة إلى أن «شعبة المعلومات» والشرطة القضائية تتابعان «التحقيق في الصوَر الملتقطة للأشخاص الذين قاموا بعمليات تخريب لملاحقتهم وتوقيفهم».وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق قد أوضح أن المفتش العام لقوى الأمن الداخلي يقوم بإجراء «تحقيق مسلكي كامل لكل ما حصل منذ اللحظة الأولى، وهو موثق بالصوت والصورة وبشهادات العسكريين والمدنيين، وخلال 72 ساعة سيكون التقرير جاهزاً ويحدد المسؤوليات بشكل مباشر وسيتم عرضه أمام كل وسائل الإعلام، ولا أريد أن افترض مسبقاً أي نتيجة قبل صدور التحقيق».ورداً على سؤال عما إذا كان قد تمّ توقيف مثيري الشغب من خلال الصور التي التقطت لهم، قال المشنوق: «تم توقيف البعض منهم، ونحن ندقق في الصور لإلقاء القبض على الباقين، إنما هذه مسألة تتعلق أيضاً بيننا وبين القضاء ونسعى معه لإتمام القبض عليهم للتحقيق معهم».وفي السياق ذاته، أكد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود أنّ التحقيقات في شأن تظاهرة رياض الصلح، أمس الأوّل، ما زالت مستمرّة «ويتمّ تحليل الأشرطة بانتظار تقرير المفتش العام، والانتهاء من الاستماع لعدد من الأشخاص الذين جرى توقيفهم بغية تكوين صورة واضحة لما جرى».وأكد حمود لـ «السفير» إطلاق سراح «عدد من الموقوفين الذين تم الاستماع إلى إفاداتهم، وتبيّن أنّ لا علاقة لهم بالموضوع، فيما ما يزال عدد من الأشخاص قيد التوقيف لتورطهم». ونفى «وجود عناصر أمنيّة قيد الاحتجاز»، مشيراً إلى أنّ «جميع الإصابات التي وقعت خلال التظاهرة ناتجة عن رصاص مطاطي وليس رصاصاً حياً».

 

99 جريحاًأعلنت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، في بيان صدر أمس، أن «أعمال الشغب التي وقعت ليل الأحد في وسط بيروت أدت إلى سقوط 99 جريحاً من قوى الأمن الداخلي وإصابة عدد من المتظاهرين، وتضرر عدد كبير من المحال والمطاعم والمباني والمنشآت الطرقية وآليات عسكرية، وتوقيف 32 شخصاً من مثيري الشغب».أضاف البيان: «إن قوى الامن الداخلي تأسف للأحداث التي رافقت التحرك في بيروت، وتؤكد أن مهمتها هي حماية حق التظاهر السلمي للمواطنين الذين لا يلجأون الى استعمال العنف ولا يعتدون على الأملاك العامة والخاصة».

حسن سعد - السفير

أحيا "اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني"، ذكرى شهدائه (حسن جمال الدين ومكسيم جمال الدين وفضل بسما وعلي نجدي وحسن كريم) الذين سقطوا في مواجهات عدوان تموز العام 2006 في كل من صريفا والبازورية في الجنوب والجمالية في البقاع، وذلك في احتفال حاشد في قاعة بلدية عيترون، سبقته مسيرة جابت شوارع البلدة، وإضاءة الشموع على أضرحة الشهداء.وشدد رئيس بلدية عيترون السابق سليم مراد، الذي تحدث باسم المجلس البلدي، على استمرارية نهج المقاومة مهما تعددت الأسماء والأطراف. وأكد أن عيترون والجنوب، ستبقيان دائماً على هذا الخط دفاعاً عن الأرض. ووجه التحية إلى الشهداء والجرحى والأسرى جميعاً.وتحدث باسم "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية"- "جمول"، جميل فارس، الذي استعاد في كلمته صفحات ومحطات من العمل المقاوم ضد العدو الإسرائيلي خلال فترة الاحتلال وصولاً حتى التحرير. وأثنى على دور كل المقاومين الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل أن يحيى الآخرون.واختتم المهرجان  بكلمة لرئيس الاتحاد حسان زيتوني الذي تناول الأدوار المختلفة التي لعبها الشهداء والمقاومون خلال العدوان، من الدفاع عن القرى وإغاثة النازحين وتأمين مستلزمات الصمود كافة، وصولاً إلى دعم الرفاق الصامدين على الجبهات بما تيسر من إمكانات وانتهاءً بالصمود والقتال الذي قام به العشرات من الرفاق في مناطق المواجهات.وكان تخلل الحفل مشاهد مسرحية لكشاف الاتحاد (فرع عين بعال) ومعزوفات موسيقية لكشاف التربية (فرع كفررمان) وفيلم وثائقي عن المقاومة من إعداد "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني" (فرع زوطر).

 

السفير

مئات الشيوعيين وضعوا خلافاتهم جانبا واجتمعوا ساعة واحدة في وطى المصيطبة في بيروت، قبل أن يتفرقوا في انتظار مناسبة جديدة تجمعهم، على ندرة المناسبات الجامعة. الذكرى العاشرة لاستشهاد جورج حاوي هي العنوان، أما المبادرة، فقد أتت هذه السنة على يد ابنته نارا حاوي، وهي كبيرة البنات، ولعلها كانت الأقرب إلى قلب الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني منذ صغرها حتى لحظة استشهاده. تلقف الحزب الشيوعي المبادرة وأرادها أن تكون جامعة. أطلقت نارا حاوي لجنة لإحياء الذكرى تضم مؤسسة جورج حاوي وشبيبة جورج حاوي والحزب الشيوعي وعشرات الشخصيات اللبنانية والفلسطينية. معظم هؤلاء لبوا الدعوة، باستثناء قلة قليلة قررت الانسحاب في آخر لحظة بسبب غلبة العقل العشائري الانتقامي على سلوكياتهم، فما إن عرفوا أن ثمة كلمة للحزب الشيوعي سيلقيها خالد حدادة، حتى قرروا الانسحاب، لكأن الرسالة كانت موجهة ليس لمن قرروا إحياء الذكرى، بل لإرضاء المعترضين على سياسات الحزب الشيوعي وخياراته اللبنانية والعربية. وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من المواقف عشية الذكرى وبعدها، كما جرى التفاعل مع الصور التي أعقبت الاحتفال، في مشهد كان مختلفا عن مشهد أولئك الذين كانوا يلتقطون الصور على أرض الاحتفال ويتصافحون ويتعانقون ويسألون بعضهم البعض: «هل عرفتني؟». ولم يغب مشهد تقديم الأولاد والأحفاد لكأن الشيوعيين صاروا عائلة صغيرة، ولو أن ميزتها أنها عابرة لكل الطوائف والمناطق. ويسجل لنارا حاوي أنها أنصفت تاريخ والدها وحزبه وكل مسيرة المقاومة الوطنية بقولها: «إن من أفتى بقتل جورج حاوي ليس سوى حاخام إسرائيلي وإن كان يتكلم اللغة العربية». الاحتفاء بسنوية جورج حاوي العاشرة بدأ بالنشيدين اللبناني والشيوعي ثم إضاءة شعلة جورج حاوي أمام النصب الذي أقيم في الساحة التي سقط فيها في وطى المصيطبة. إكليلا زهر «من كل الوطن إلى جورج حاوي» وضعهما شيوعيان قديمان، قبل أن يختفيا بين الجمهور وغابة الإعلام والأناشيد. كان لافتا للانتباه وجود من قدم لتوه من جرود رأس بعلبك حاملا معه «خيار» إعلان الحزب الشيوعي عن وجود مقاتلين له يحملون السلاح في قرى البقاع الشمالي، وآخرون قدموا من عرسال وغيرها للتضامن.. وربما العتب والتحذير من «دعسات ناقصة»! اصطف الحضور بصورة نصف دائرية وألقت رئيس مؤسسة جورج حاوي نارا حاوي كلمة أعلنت فيها رفضها اختزال الشهيد حاوي في أي اصطفاف بين ٨ أو ١٤ آذار، معتبرة أن «الأقرب إلى قلب حاوي الأول من أيار» لكونها مناسبة عابرة للطوائف والمذاهب، قبل أن تغمز من قناة «ظلم ذوي القربى» الذين قالت عنهم مخاطبة والدها: «لو عدت اليوم لحاربك بعض الداعين إليك وسمّوك شيوعيا». ثم اعتلى المنبر الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة معتبرا أن الخطر الإرهابي مكمل للخطر الصهيوني، وقال إن المواجهة مع الإرهاب مفتوحة «وبكل الوسائل العسكرية والشعبية»، مشددا على ضرورة إقامة تواصل بين قرى المواجهة، وتحديدا في منطقة البقاع الشمالي «لمنع اللعب على الوتر المذهبي والطائفي». حدادة شدد في كلمته على ضرورة تأمين الصمود الشعبي في ظل تقاعس الدولة عن القيام بواجبها على سائر الصعد لدرء الخطر الإرهابي بما فيها «تركها للجيش اللبناني دون غطاء في مواجهة الإرهاب».

نبيه عواضة - السفير

حزم الشيوعيون، بكل تلاوينهم، أمتعة مواقفهم المتنافرة، وقرروا وضعها جانبا بعد نقاشات أفضت إلى ذهابهم «متحدين» لإحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني الشهيد جورج حاوي. وبعد أخذ ورد حول تشكيل لجنة مهمتها التحضير لإحياء المناسبة، وقد تخلل النقاشَ خلافٌ حول بعض الأسماء وطريقة مشاركة الحزب الشيوعي ممثلا بأمينه العام الدكتور خالد حدادة، رست الأمور على الصيغة الآتية: تدعو منظمة الحزب الشيوعي في بيروت للمشاركة بإحياء المناسبة صباح يوم الأحد القادم عند النصب التذكاري للشهيد حاوي في محلة وطى المصيطبة على أن يلقي كلمة الحزب أمينه العام خالد حدادة، كما تلقي نارا جورج حاوي كلمة باسم اللجنة التحضيرية لإحياء المناسبة في المكان والزمان نفسيهما. وأوضح عضو المكتب السياسي في «الشيوعي» سمير دياب أن قيادة الحزب تركت الخيار للمنظمات الحزبية في المناطق لإحياء «يوم الشهيد الشيوعي» وفق ما تراه مناسبا. وقال إن الشهيد جورج حاوي رمز وقائد وطني وشعبي كبير سقط في منطقة بيروت ومن الطبيعي أن تكون منظمة الحزب في العاصمة سبّاقة لإحياء المناسبة، مؤكدا أن كلمة الحزب سيلقيها أمينه العام. بدورها، أكدت نارا حاوي أن الموضوع حسم لمصلحة الإعلان عن اللجنة التحضيرية لإحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد والدها؛ وقالت إن اللجنة الداعية تضم حوالي ١١٧ عضوا بينهم أعضاء في الحزب وقيادته حاليا، وهناك معارضون ينتمون إلى تيارات شيوعية داخل الحزب وخارجه إضافة إلى «مؤسسة جورج حاوي» و»شبيبة جورج حاوي» (رافي مادايان)، وأشارت إلى أنها ستلقي كلمة باسم اللجنة التحضيرية. وتضم اللجنة في صفوفها أسماء يسارية ووطنية من رفاق الشهيد حاوي كمحسن إبراهيم ومحسن دلول وفؤاد شبقلو ومحمود طبو وألبير منصور وجورج بطل وفاروق دحروج وفواز طرابلسي، بالإضافة إلى وجوه ثقافية وفنية أبرزها مرسيل خليفة وشربل روحانا وشربل فارس وشوقي بزيع، وشخصيات فلسطينية مثل صلاح صلاح وفتحي أبو العردات ومروان عبد العال وعلي فيصل. كما تضم اللجنة وجوها نقابية وأسرى محررين ووجوها تاريخية في المقاومة وعددا من الإعلاميين والناشطين في مجالات مختلفة. هل يمكن أن تكون الذكرى مناسبة لتفعيل المبادرات الهادفة إلى لم شمل الشيوعيين؟ يجيب مصدر متابع أن الذكرى العاشرة «لن تكون بمستوى التشييع الحاشد للشهيد حاوي يوم زحف الشيوعيون عن بكرة أبيهم لتوديع قائدهم»، مشددا على أن أزمة الشيوعي لم تبدأ من مناسبة لتنتهي عندها، بل المسألة أعمق من ذلك بكثير وتطال خيارات سياسية وتنظيمية أساسية.